آخر تحديث :الثلاثاء-16 أبريل 2024-07:21ص

أدب وثقافة


فقط عملت بأصلي..!( قصة )

السبت - 17 أكتوبر 2020 - 02:37 م بتوقيت عدن

فقط عملت بأصلي..!( قصة )

(عدن الغد) خاص:

 

فقط ..عملت بأصلي( قصة للكاتب/رفيق المجعشي)

أستجارت أم عامر بعامر.. .
وهذه القصة معروفة عند الجميع أن عامر أحد سكان البادية العرب أستجارته ضبعة هربا من رجال يبحثون عنها وان وجدوها لاشك سيقتلونها.
وعند وصول النفر الذين يلاحقونها الى خيمة عامر وجدوها عنده .
كانت حينها تلهث من شدة الركض ...حلب الشاه وسقاها الحليب وارتوت واستعادت أنفاسها.
أنتظرت حتى نام فانقضت عليه وافترسته ....تناست معروفه والحليب مازال في بطنها.

تكررت هذه القصة مرارا .
فمثلا عندما استجار- شُرحبيل بن مُرة -الزير فبلغه مأمنه ..صدقه رغم كذبه قال: أنه أعتزل الحرب, وهذه من شيم العرب منذوا القدم , لايفرطون بمن ستجارهم ابدا ..وان بذلوا ارواحهم فداه .
أحضره الى ديارهم ودافع عنه رغم اعتراض قومه ..وأظنك تعرف مقولة اليمامة التي رفضت رفضا باتا دخول خالها وقالت:لن تلد الحية عصفورا ياعماه..
فلما جن الليل سرق شرحبيل حصان كليب وخرج به متجها الى عشيرته ..
نعم لقد صدقت اليمامه وكذب شرحبيل ..
دعني اخبرك ان" مرة "كره فعل ابنه وأنبه على صنيعه الدنئ الذي لا يقدم على مثله إلا سافل وحقير.
ليس خوفا من بطش" الزير" عند استعادته ولقد استعاده بحيلة ولم تحدث لهم خسائر كبيره أنذاك.
لكن خاف ان لا تجير العرب مستجيرا بعد أن تسمع بقصة شرحبيل...

ولقد حدث لي كهذا من قبل سجين..
كان في السجن فطلب مني مبلغ من المال رصيد لهاتفه وشكى لي حاله فرق قلبي .أخبرته ان يمهلني بعض الوقت أفكرفي الأمر.
بعد قليل من الوقت وصلت الى نتيجه .فقررت أن أحول الرصيد ..وقلت في نفسي ان ردها عندما يتسنى له كان خيرا ..
وان لم يردها فقد اختبرت معدنه وظهر على حقيقته ...وكان هدفي الأسمى أن يكتبها الله لي في ميزان حسناتي فانا بشر لا أعلم ان كان صادقا ام كاب؟
الله وحده الذي يعلم السر وأخفى.

مرت الأيام والشهور والسنة الأولى والثانية ..
كنت أنتظر رسالة منه حتى يسألني عن حالي ...او أي رسالة عن الطريق الخطأ..كي أعلم أن جميلي أثمر.
وأصبح لدي صديق جديد قد أحتاجه يوما ما..هذه الدنيا دوار ة لا تدوم لأحد ولو دامت لأحد ماوصلت الينا.
بعد طول انتظار أكتشفت إستغلاله لي وشعوره بالفخر لخداعي وانني كنت فريسة سهله .
ظل يشعر بالزهو عندما يخبر اصدقائه عن تلك القصة.

بالنسبةلي المبلغ قليل لا يعادل قيمة بيضة...
لكنه باع نفسه بثمن بخس ..لم اذكر ماذكرت ليذكر ويرد علي مالي لكن لأخبرك مدى خطورة الطيبة وأن علينا التعلم من أخطاؤنا.
و لا يلدغ المسلم من جحر مرتين لكنني لدغت من جحر آخر وبنفس السم.
...............
في إحدى الأيام كان شيخا يتنظرني امام الباب وفي وجهه القلق والإضطراب ..تبدوا ملاحمه معروفه ...انه من قريتي.
لكنه ما إن وجدني تهلل وجهه وبدت اساريره وكأن لسان حاله يقول : جاء الفرج... دنوت منه فقال بانه يحتاج مبلغ من المال يعينه للوصول الى القرية ..نعم الى قريتي ولإنه شخص طاعن في السن ولا يبدوا أنه يجيد اللف والدوران...

ناولته المبلغ وسألته هل مازال محتاج خدمة أخرى ..لم ارض ان يرحل مكسور الخاطر فقد علق امله بي وحاشاه أن ارده خائبا.
بعد مرور اشهر عدت الى القرية وجدته هناك كنت قد نسيت حينها .
أبي
أمي
اخوتي
أصداقائي، وجودهم يغني عن كل شىء..
لاحظته يتحاشى النظر بوجهي والإحتكاك بي..
تذكرت القصة ولم ارض احراجه ..قلت قد يكون ناسيا او لا يملك المبلغ مع ان المهله يومين فقط..
ظن أنه قد خدعني هو الأخر...

اعلم عزيزي
أنني لم أذكر ماذكرت لأمن عليه أو لأذكر محاسن أخلاقي..ولا تيها وفخرا.
ولا أطلب منك عدم الثقة بأحد لكن كن واثق بحذر وطيبا بقدر..
لكن عزيزي عليك ان تعر ف الصالح من الطالح والجيد من الردئ لتعيش .
كلما كنا طيبين زادات فرصة إفتراسنا من قبل الأنذال..

فمثل شرحبيل كثر في هذه الحياة يأكلون من الإناء ثم يتبولون فيه..

اسمح لي أن أذكر لك قصة أخرى.
في إحدى الليالي كان الطفل مستلقيا في الشارع بقرب مجنون...
رأه صديق لي ...فعرض عليه أن ينام عنده تلك الليله رأفة به ..علما أن الغرفة منفصله عن البيت ينام فيها العمال...
بالبداية نام في السطح لكن شاء الله أن تسقط الأمطار ليلا..
وكان لابد أن ينام في الغرفه.
نام صديق بعد صلاة الفجر كجثة هامدة..
فاستيقظ الطفل ثم تسلل ليسرق هاتفه الذي تعدى سعر المائةألف ونيف..
نعم سرقه ورحل .. ولم يبقى له أثر..
ولم يتردد لبرهه خشية أن يستيقظ .
ولم يتذكر المطر، برد الشارع ، غدر المجنون..
وهناك الكثير من القصص المماثلة لايسعها مقال واحد..

وجه الشبه فيما ذكرت ..
أن "الزير" عمل بأصله وحفظ وعده اما" شرحبيل" عمل بأصله فغدر بمن أجاره وسرق حصانه وظن انه نجى بفعلته لا ياعزيزي فقد دفع الثمن غاليا.

وكذاك أم عامر "الضبعة"عملت بأصلها الدنئ ولم تتخلى عن طباعها حتى لتلك اليوم فقط...ف بطشت بمن سقاها الحليب ودفع عنها أذى القوم ...اكلته ومازال الحليب في بطنها اكلته رغم ثقته المفرطه بها.

ومثل السجين ألأف المستغلين والكذابين وراء اقنعه مزيفه ومنمقه..حتى الذي انقطعت به السبل لم يعد يذكر المعروف الا زهوا بصنيعه ..انا لا أريد المال .فليذهب المال الى الجحيم
عد صديقي فقط .
الخلاصة ياعزيزي اننا نعمل بأصلنا ولا يهمنا الحقير الذي يعمل بأصله...

نعمل بأصلنا وهم يعملون بأصلهم.