آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-01:44م

أخبار وتقارير


جنون أسعار المواد الغذائية يخنق حياة الأسر في عدن

الجمعة - 02 أكتوبر 2020 - 12:48 ص بتوقيت عدن

جنون أسعار المواد الغذائية يخنق حياة الأسر في عدن

عدن (عدن الغد) تقرير / عبد اللطيف سالمين:

تعيش مدينة عدن ازمة اقتصادية خانقة ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮﻫﺎ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلمواد الغذائية واﻟﺴﻠﻊ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ، مما جعل امر الحصول عليها لبعض الأسر أشبه ما يكون بأمنية صعبة المنال.

وبات هم المواطنين في مدينة عدن يتجلى في سعيهم إلى انتزاع حياتهم من بين أنياب الغلاء وصعوبة الأوضاع المعيشية، وكعادتهم يحاول المواطنون في  عدن أن يعايشوا تردي الاوضاع الاقتصادية رغم إمكانياتهم الشحيحة والوضع ألمترد الذي تشهده المدينة من تفشي للغلاء المعيشي الناتج  عن تدهور العملة المحلية امام العملة الصعبة وانتشار البطالة وغياب الرقابة.

وتجولت صحيفة "عدن الغد " في اسواق مدينة عدن لتلقي الضوء على اسعار المواد الغذائية ومتابعةً الحركة التجارية.

ويشكو المواطنون والموظفون وذوو الدخل المحدود على حد سواء من الارتفاع الجنوني في اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في عدن.

ارتفاع خرافي للأسعار.. شبح الجوع يلاحق العدنيين

خلال أكثر من سنين ، بقيت أم علي وعائلتها بمنأى عن الجوع بالكاد ، لكنها اليوم تخشى على أطفالها الخمسة من الجوع مع تآكل قدرتها الشرائية جراء الهبوط الحاد في قيمة الريال اليمني. وتقول أم علي (40 عاماً) المقيمة في الشيخ عثمان في عدن "منذ أن بدأت العملة بالتدهور ، ذقنا كل أنواع الألم والعذاب، وأعتقد أنّ المجاعة هي التي سنذوقها" في الفترة المقبلة.

ومع ارتفاع الأسعار، تفكّر أم علي بشراء كيس من الطحين وإعداد المؤونة تحسّباً للمرحلة المقبلة. وتقول "إذا استمر انهيار العملة، فنحن أمام مجاعة كبرى ولن يستطيع أحد شراء حاجاته". وتضيف بأسى "هذه أمور كنا نسمع عنها في التلفاز في بعض دول إفريقيا".

وتتابع أم علي، مشيرة الى أن زوجها يعمل بشكل متقطع، "نعيش الآن على بعض المدّخرات.. وقمنا كذلك ببيع أرض ورثناها، لكن لا أعتقد أن المال سيدوم كثيراً في ظل الغلاء الفاحش".

وحده رب العالمين من يعلم كيف نعيش وما نأكل.. ولولا مساعدات متقطعة تصلنا من أهل الخير لمات أولادي من الجوع”، تضيف ام علي، في وصف أثر ارتفاع الأسعار على عائلتها الصغيرة.

حلم صعب المنال

تلك الحال لا تخصّ أم علي وحدها، إذ تسبب ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية بضغوطات مشابهة على عائلات عدة في عدن .

هذا ما وصل اليه حالة غالبية سكان مدينة عدن البسطاء. عملة نقدية منهارة،  واباء ما بين مقصلة انقطاع رواتبهم وسندان شحه  فرص العمل. مدينة لا يُرحم فيها احد. غلاء مبالغ فيه لأسعار الشراء اكبر بكثير من فارق هبوط العملة المحلية امام الدولار.

ومع ذلك يبدو أن آمال المواطنين في مجاراة الغلاة أصبحت بمثابة حلم صعب المنال مع تفاقم الأعباء المعيشية، وتدهور القدرة الشرائية ولا سيما لدى الشرائح الفقيرة والمتوسطة.

حيث استمر الريال اليمني في تراجعه المخيف وفقدان قيمته أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية في سوق الصرف ليتجاوز حاجز 800 ريال امام الدولار و200 مقابل الريال السعودي، وذلك وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء والارتفاع الهائل لأسعار السلع الغذائية، ما ينذر بكارثة اقتصادية وازمة مجاعة على البلاد خاصة في ظل انقطاع مرتبات الموظفين في عدن.

وزادت معدلات الفقر في البلاد وارتفعت إلى درجة مقلقة ، بسبب غياب الدخل لدى شريحة واسعة من قوة العمل، وانخفاض الدخل لشريحة أخرى، ما زالت تتسلم رواتبها نهاية الشهر وبعضها لايجد راتبه.

غضب واسع بسبب جشع التجار

وبالتزامن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، سادت حالة من الغضب عند المواطنين بسبب جشع بائعي التجار وملاك البقالات وفرض سيطرتهم على الأسعار حسب قولهم .

واكد مواطنون لـ"عدن الغد" إن الكثير من التجار يستغلون الوضع ويقوموا برفع الأسعار لحد اكبر مما يشكله فارق الصرف وهو ما يشكل عبئا ثقيلاً على القدرة الشرائية للمواطن خاصة متوسطي الدخل منهم.

ويرى خبراء الاقتصاد باحثون في عدن  أنّه "لا يمكن للسلطة المحلية أن يسمح بمزيد من الارتفاع في الأسعار لأنهم على علم أن هذا سيؤدي إلى اضطرابات اجتماعية لا يمكن احتواؤها". إلا أنّهم تحدثوا عن "عوامل عدة تشير إلى أن الريال اليمني سيستمر في التراجع" مقابل الدولار.

ويستنكر المواطنون في عدن من أزمة شح السيولة، وعدم تمكن الحكومة من تغطية حاجات الإنفاق الضروري، لا سيما رواتب موظفيها، وارتفاع الأسعار شكل قيدا على المواطنين في توفير احتياجاتهم الغذائية الأساسية، لتشهد عدن ومحافظات الوطن عموما وضعا إنسانيا مؤلما.

وحمل المواطنون الحكومات المتعاقبة مسؤولية تردي الاوضاع اضافة الى الصراع السياسي على السلطة الذي اثر بشكل مباشر على حياة الاهالي في المدينة.

استغلال الازمات وغياب الرقابة

لازال استغلال الازمات ورفع الأسعار يلقي بظلاله الثقيلة التي تكدر صفو حياة الأسر ويدخل الشعب في متاهات كثيرة ومتشعبة، إلا أن ما يمكن أن نثبته على الواقع أن القضية أصبحت حديث المجتمع وانعكست آثارها على الحالة الاقتصادية للكثير من الاسر في عدن.

استغلال لفجوة غياب الرقابة

بسبب غياب الرقابة الحكومية على الأسواق وإخضاع التجار للمحاسبة بسبب تجاوزاتهم وانتهاكهم لقانون السوق وعدم مساءلتهم في ظل الأزمة التي تمر بها عدن، تستغل المحلات وخاصة التي واقعة بين الأحياء الشعبية هذه الفجوة بالزيادة التي يضعها العمال في المتاجر أو البقالات، وكذا تقفز الأسعار خلال ساعات دون رقيب، مما يشعر رب الأسرة في بعض الأحيان بالعجز لأنه فشل في توفير احتياجات استرته الغذائية والصحية.

ولم يقتصر الارتفاع على الاحتياجات الاستهلاكية فقط ليطال اهم الاحتياجات الغذائية اليومية ولغياب الرقابة ذهب التجار بجشعهم لابعد من ذلك ليشمل الارتفاع كافة المواد التموينية دون استثناء؛ وأصبحت متطلبات المعيشة عبارة عن منغصات شهرية يصعب توفيرها لاسيما الأساسية منها، ويشعر رب الأسرة بالدونية في ظل عدم الوفاء بمستلزمات المنزل في ظل عدم وجود الراتب أو ضآلته "إن وجد" وكثرة الالتزامات والأقساط وخلافه، وبالتالي تسوء الحالة النفسية للمواطن التي تدمر ماتبقي من مناعته لمقاومة الحياة الصعبة في المدينة.

سعر صباحاً وآخر بعد الظهر

داخل متجره للمواد الغذائية، يدقّق الحاج محمد في فواتير، مبدياً امتعاضه من وجود "سعر صباحاً وآخر بعد الظهر". ويضيف "عندما نبيع البضائع نخسر وعندما نشتريها نخسر"، معتبراً أن "كل ما يحصل خسارة بخسارة".

ويطغى الارتفاع السريع والمتواصل لسعر صرف الدولار على أحاديث الناس في الشارع. في سوق الشرطة مول ، تبحث أم سعيد (45 عاماً) عما يمكنها شرائه بأقل سعر ممكن. وتقول الأم لثلاثة أولاد، أحدهم لا يزال يعيش معها، إن تكلفة الوجبات باتت مرتفعة جداً، "أليس حراماً أن تتضاعف الاسعار في شهور فقط. وتضيف "هذا الانخفاض (في سعر الصرف) يقتلنا".

متى تفيق الجهات المعنية؟

إن الغلاء والارتفاع الفاحش في الأسعار يعتبر جريمة بحق المواطن بشكل خاص وبحق البلاد بشكل عام.. فالمواطن أصبح لا يقوى على هذه الأسعار ولا يقوى على شراء كل ما يرغب به، ما يجعل الأسر محدودة الدخل تضطر إلى أن تلجأ إلى الديون التي تكسر ظهر رب الأسرة، والأغرب إن الجهات المسؤولة لم تمارس أي دور لكبح جماح موجة الغلاء في كافة المستلزمات الحياتية اليومية التي يحتاجها الإنسان.

 ويبحث الشارع في عدن عن أجوبة لدهشتهم ممايحدث متسائلين: متى تفيق الجهات المعنية بالأمر من سباتها العميق؟ ومتى ستستمع لصوت المواطن ومعاناته التي تتفاقم يومًا بعد أخر في انتظار فرج طال أمده وعوضا عن يأتي يكوى المواطن من لهيب الاسعار بشكل مضاعف كل عام.