آخر تحديث :السبت-18 مايو 2024-12:48م

ما با يهزّك ريح.. كونشرتو الحلم المنقرض

السبت - 04 مايو 2024 - الساعة 08:55 م

خالد لحمدي
بقلم: خالد لحمدي
- ارشيف الكاتب


هو يعلم أن لا أحد يستطيع اجتثاثه أو تغيير موقعه ، وظل يرضع أثداء الصبر بعزة وسخاء ،
معانقاً مراحل الجدب وأزمنة النور والتعب .
في صمته حُلم وقضايا عظيمة .
قد يومئ هامساً :
إن السلطة والعدالة والحقيقة والبناء والفهم والادراك والمعرفة تعد حقائقَ لا تغيب ، وقد شيّد أسلافي عصور التنوير وتعفّروا بالنضج وحضارة لا تزول ، وساظل الثابت لا المتحوّل وامتداداً لجسور تسمو ولا تنهزم .
كل القوافل توقّفت و رحلت ، فضحكت حد البكاء ، ورأيت القوارب تمخر اليم وينتشر العسس في كل الأمكنة .
لم يخذلني رفاقي وأضاعني حاضري ولم أنبس ببنت شفة علّ القادم يكشف دفاتر الزيف وترهات المقت ِوالبغاء .
كتبت خرائط زهوي وغفوت غير آبه ، ومن أيقظني هم الشعراء .

ما با يهزّك ريح يا هذا الجـبل
مهما حصل
ولا العواصف والرعود
ما با يهزك ريح 

شامخ كما عيبان أو شمسان يا
كل الأمـل
أو مثل هاتيك السدود
ما با يهزّك ريح

أنا الأكبر والباقون ركّعاً لفكري ورؤاي ، و قد أتت الخرافات رفقة من جاؤوا مبشّرين بحدائق الجنة ، وبأيديهم الورد و تحت عباءاتهم الخوف والتمزّق وتحولات ممجوجة بالبؤس والخرافة  .
الأحرف حِمماً والأبجدية لحناً وأغنية ، والقلم أبا إلّا الشموخ والتحرّر ، مبدّدا حبره ودمه ، مرددا بتفاؤل :
لا وصاية أو انهزام .
لم أحتج لكثير من الوقت كي أرى تفاصيل دروبي و سهوبي النائية ، وقد ظلّت المسالك محتفيةً عاتبة  :
ثمّة خدعة سيُبدّدها الغيم ويمحو آثارها المطر .
لا أحد يسأل شاعراً لكي يكتب ، ولا ينادي ملحّناً ليخلق أغنية هادفة ونبيلة وثوّار الحقيقة يهتفون :
سننام بين أحضان وطنٍ يعلم أنّنا نتعطّر به  ولا نرتضي عنه بديلا .
الأمس والقادم يشهدان بثقة :
ستظل الأغنيات تنضح مجداً وبنادقٓ فخرٍ وكبرياء .

ويلف لك ويدور والهرجه كما طعم العسل
لكن من داخل حقود
ما با يهزّك ريح

سيبدّد العهر أفياء فكره و يطهو أجساده على موائد اللحظة ، وفي الأسطبل تتدحرج العروبة دون توقّف أو اتعاظ .
ليس بالاستطاعة أن يُقال كل شيء وقد أوشكت الشمس نحو الوداع .

ما دام تمشي عالطريق المستوي
ماشي خلل
العزم للمخلص وقود
ما با يهزّك ريح

الثقة والعزيمة تيجان على رؤوس العُشّاق ، وقد أعشوشبت الأرض بمدد البداية، و جهل من بدأوا كيف النهايات بأقل خسائر وعزاء .
ليس لدي ما أقصّه وقد خاط الشاعر أحمد بو مهدي  بشظايا الأحرف قماطة الفجر وشموخ وطنٍ لا ينكسر .
فلتغنِّ أيتها الأرض الحُبلى بالنصر والفتوحات الحاسمة ، رفقة جيل توشّح بالنجوم ، وبصوتٍ واحدٍ :

خلّي عيونك ساهره ما يهم لو
ذقت القهد
منّك تعلّمنا الصمود
ما با يهزّك ريح

هُنا كوكب يعاقر الشجن وقد عزفت المرافئ مقامات الفتح الذي لم يفقد خطوه وخُطاه .
الكون يُغنّي والسحب ترتدي السندس وأفخر الثياب ، وعلى الضفة الأخرى وقف موسيقار الملاحم و غنائيات السماء ، أحمد صالح بن  غودل ، واثقاً ومؤكداً أن مقام الراست  على درجة الجهاركاه، واستقرار جنس القفلة النهائية للّحن على درجة السيكاه ( لا كاربيمول ) ، تموسقت وبلغت مداها بصوت الفنانة ( وفاء أحمد ) التي صنعت حاضراً
تحلّق طيوفه في فضاءات بعـيدة آسـرة ،
وتعود لمهد البِذار والحُـب الموشّيان بالدم والنغم .
إن الأوطان تلد رجالاً يمتطون الصعب ، وبخطى الأولون يهتدون ، وقد أحاطت الصحراء بقوافل الوعد والسفر ووجب الحرص والتيقّن ، ربما نفقد البحر والنوارس وقد نبت للنصر خيوط وأجنحة .