آخر تحديث :الأربعاء-08 مايو 2024-12:28ص

هل سيغير طلاب الجامعات الأمريكية المعادلة السياسية اليوم ؟

الجمعة - 26 أبريل 2024 - الساعة 10:20 م

د. سعيد سالم الحرباجي
بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب




تتوسع احتجاجات الطلبة في حرم الجامعات الأمريكية لدعم غزة بصورة ملفتة جداً هذه الأيام.....  خاصة بعد دخول شرطة نيويورك إلى حرم جامعة كولومبيا، بطلب من رئيستها بعد يوم من "استجوابها" في الكونغرس، والقبض على 108 من الطلاب، حيث كان عدد منهم قد قاموا صباح الأربعاء 17 أبريل/نيسان بنصب خيام في حرم الجامعة للاعتصام بداخلها تنديداً بالحرب الإسرائيلية على القطاع. 

هذا التصرف العنيف من قبل الشرطة والتعامل بقسوة مع الطلاب يعيد إلى الأذهان تلك الحماسة  النضالية التي عمت الولايات المتحدة في فترة ستينيات  القرن الماضي، عندما كانت الاحتجاجات الطلابية الهائلة في الجامعات، تتنوع في أسبابها ومطالبها، حيث شملت مواقف رافضة للحرب في فيتنام، ولنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وتأييدًا لحركة حقوق الإنسان والمساواة.
وكانت لبعض تلك الاحتجاجات، التي اتخذت منحى عنيفاً في بعض الأحيان، تأثيرات عميقة على المجتمع الأمريكي والمشهد السياسي، وأحدثت تحولات في نضال الحقوق المدنية.

هذه  الاحتجاجات والاعتصامات في الجامعات الأميركية آخذت في التوسع لتشمل أعرق وأهم وأكبر جامعات أمريكا ، وكل تلك الاحتجاجات تشترك في هدف واحد  ألا وهو (وقف العدوان  على غزة ، وطلب وقف التعاون مع إسرائيل ) .

إنَّ انطلاق الشرارة الأولى للحركة الطلابية من جامعة كولومبيا ...لها دلالتها ، ولها قيمتها ، ولها رمزيتها .
فهذا الجامعة من أعرق الجامعات الأمريكية تأسست عام ( 1754م ) وتقع في نيويورك ، وهي جامعة أهلية ، وتسمى جامعة إعداد القادة ، وتخرٌَج منها أشهر القادة والساسة ورجال الاقتصاد ...
فكون تلك الشرارة الأولى تنطلق منها ...فهذا يعني أنَّ لهيبها سيصل إلى بقية الجامعات الأمريكية ...وهذا ما يتراءى في الأفق ، بل ويبدو أنَّ هذه الإرتدادات قد  وصل مداها إلى
خارج الحدود الإمريكية.
فهاهم طلاب جامعات فرنسا ، وبريطانيا يتضامنون مع غزة ، وتتناقم مطلبهم مع تلك المطالب التي ينادي بها طلاب الجامعات الأمريكية،  ويتوقع أن تعم تلك الاحتجاجات كل الدول الداعمة للكيان الصهيوني.

تجدر الإشارة هنا إلى أنَّ حركة  طلاب  الجامعات  في أمريكا هي التي  انهت حرب فيتنام  ، وهزت أركان النظام العنصري بجنوب أفريقيا .
فهل يا ترى أن يرسم هذا الحراك الطلابي معالم تاريخ جديد ؟

كل المؤشرات ، وكل الدلائل ، وكل التنبؤات تؤكد على أنَّ هناك حدثاً هائلاً سيحدث وسيغير المعادلة السياسية في العالم ،  خاصة بعد أن  استنفد أهل غزة كلما لديهم من جهد وطاقة ، وقوة في مقارعة طغيان الغرب وأمريكا ، وخذلان بل وتآمر عربي وإسلامي .

صورة الطلاب في تلك الجامعات وهم يحملون أعلام فلسطين ، وتبح حناجرهم بهتافات تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة ، وسرعة تدفق المساعدات للمدنيين ، ومقاطعة التعاون مع إسرائيل.....تدل دلالة واضحة على أنَّ تلك التضحيات الجسيمة التي يقدمها شعبنا في غزة قد أوصلت رسالتها للعالم  وأصبحت حديث الساعة ، ومحور إهتمام أحرار الإنسانية .
 
لكن ما يحز في النفس  ، ويدمي القلب ، ويدمع العين ....أنَّ كل ذلك الحراك السياسي ، والتحرك الشعبي ، والنشاط الطلابي يتم بعيداً عن عالمنا العربي والإسلامي الذي يتعامى عن مآسي أهلنا في غزة ، وكأنَّ ذلك لا يهمهم من قريب ولا بعيد ، بل والأدهى والأمر من ذلك أنَّ هناك تعاوناً غير مسبوق مع العدو الإسرائيلي ، وتحريضاً رخيصاً ضد المقاومة في غزة من قبل حكام ، ومثقفين ، وإعلاميين ، ورجال دين .
كل هذا يشي بالمستوى الهابط الذي وصلنا إليه .

ومع كل ذلك ، ورُغم كل ذلك ... يبقى الأمل في الله سبحانه وتعالى في زوال الباطل ، وانحسار مد الطغيان، وافول جولة الظلم .

وصدق الله إذ يقول :
( وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ).
فيوم أن خذلنا أهلنا في غزة ، وولينا الأدبار جبناً ، وذلاً ، ونكوصاً ...استبدلنا بغيرنا لنصترهم!!!
فها هم أحرار العالم ، وهاهي كل بقاع الأرض _من غير المسلمين _ تهيج نصرة لغزة .
ويكفي غزة شرفاً الموقف المشرف لجنوب أفريقيا ، وتقاضيهم  لجرائم إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية .
وهاهم طلاب الجامعات في دول الغرب وأمريكا يرسمون لوحة رائعة في رفضهم عدوان اليهود على أهلنا في غزة.
وصدق الله إذ يقول :
( وأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا )
وسيأتي النصر والفرج من حيث لم يحتسب الجميع .
فليس على المسلم إلا بذل الجهد ، وليس عليه إلا الإعداد قدر الاستطاعة ، والصبر ، والتوكل على الله ، والثقة المطلقة بالخالق سبحانه وتعالى....
ثم ينتظر الفرج والنصر 
ويقولون متى هو ؟
( قل عسى أن يكون قريباً ) .