آخر تحديث :الأربعاء-08 مايو 2024-12:28ص

السلالة الهاشمية.. كيف ورطت اليمن شمالًا وجنوبًا؟

الجمعة - 26 أبريل 2024 - الساعة 10:01 م

مصطفى محمود
بقلم: مصطفى محمود
- ارشيف الكاتب


ما يعانيه اليمن اليوم من حروب داخلية وصراعات ومن تقسيم وتشظٍّ على كافة المستويات ما هو إلا نتيجة لسبب سابق أصله (حرب 86 في جنوب اليمن) الذي انتهى بهزيمة المشروع الوطني اليمني في الجنوب أمام مشروع السلطة السلالة الهاشمية هناك التي سيطرت على السلطة بقيادة الهاشميين البيض والعطاس.

وبما أن الهاشميين جاء بهم السياق التاريخي الخرائبي إلى اليمن يحملون ذات الصفات الخرائبية، ويمارسون نفس الممارسات القمعية، فلا يعتد بدينهم ولا أوطانهم ولا انتماءاتهم من أي نوع لأنهم لا انتماء لهم سوى للسلطة و لأنفسهم وسلالتهم ويسخرون كل شيء في سبيل ذلك. فقد أدار الهاشميون جنوب الوطن بنفس الطريقة التي يحتلها الهاشميون في الشمال اليوم (الحوثي) في المناطق الخاضعة للحوثي مع فارق الزمان والمكان والمتغيرات السياسية... إلخ، فالحوثي اليوم لم يحقق أي مشروع تنموي في نطاق سيطرته معتمدا على ما تم إنجازه في عهد الرئيس السابق عفاش.. ولم تضف السلطة المليشاوية الهاشمية حتى طوبة واحدة أو ترمم مدرسة أو مشفى، بل هدمت ودمرت ما كان قائما.

كذلك السلالة الهاشمية في الجنوب إبان التشطير اعتمدت بشكل شبه كلي على ما خلفه الاستعمار البريطاني من بنية تحتية ومبان ومؤسسات حتى المباني الحكومية ودار الرئاسة (المعاشيق) بنته بريطانيا ولم تضف عليه السلالة الهاشمية شيئا يتذكره الجنوبيون.
يعتمد الهاشميون في الشمال على القمع والبطش والقهر في إخضاع المجتمع، وليس على القبول والالتفاف الشعبي.

وهذا ما كان عليه بالأمس الهاشميون في الجنوب، كانوا يديرون المجتمع بنفس الأسلوب بواسطة القمع والبطش والخوف.
السلالة الهاشمية في الشمال اليوم لها مشروع عابر للوطن (المسيرة القرآنية).

السلالة الهاشمية في الجنوب بالأمس كان مشروعها عابر للوطن (الاشتراكية).
السلالة الهاشمية شمالا اليوم ترفع شعار الصرخة ضد أمريكا وإسرائيل والغرب كله من يهود ونصارى.
وفي سلطة الهاشميين في الجنوب كانوا بالأمس يرفعون شعار معاداة الغرب الرأسمالي.
في سلطة الهاشميين في الشمال اليوم تتماهى جماعة الحوثي مع الدولة اذ لا فرق بينهما الدولة هي الحوثيون والحوثيون هم الدولة، والضحية الوطن والمواطن.

في سلطة الهاشميين في الجنوب بالأمس كان الحزب هو الدولة والدولة هي الحزب ولا فرق بينهما إذ كان الهاشمي البيض والهاشمي العطاس ممسكان بزمام الإثنين اللذين هما في النهاية واحد.

سياسة الإفقار استراتيجية هاشمية شمالا وجنوبا، ففي الشمال أخذوا مرتبات الموظفين وأفقروا التجار وصادروا ممتلكاتهم وجعلوا اليمنيين طوابير على أبواب المنظمات من أجل الحصول على سلة غذائية... وبالأمس صادر الهاشميون في الجنوب ممتلكات التجار وأفقروا المجتمع الجنوبي وجعلوه يطوبر على باب الأفران من أجل حصوله على مواد غذائية برغم ثروات الجنوب الهائلة وعدد سكان لا يبلغ أربعة ملايين نسمة حينها.

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي توجس الهاشميون في الجنوب خيفة من عودة القبيلة اليمنية الجنوبية للسلطة التي خسرتها في حرب 86 بدعم من القوى الرجعية بحسب تعبيرات الهاشميين في الشمال وبالذات كان توجسهم خيفة من دول الخليج إن تدعم القبيلة اليمنية في الجنوب.

الهاشمي أحمد محمد الشامي الذي كان وزير خارجية الإمام أحمد ومؤسس التنظيم السري الهاشمي التقى علي سالم البيض وشرح له الأبعاد السياسية الدولية والإقليمية وأقنعه بالوحدة الاندماجية مع الشمال كمخرج مناسب من مصير السقوط الحتمي القادم ووعده بالتنسيق مع الهاشميين شمالا ليدعموه حتى يصبح اليمن بأكمله بيد السلالة..

وبما أن الهاشمي بطبيعته لا يكترث لشعب ولا لوطن إذا وجد طوق النجاة لنفسه، سارع علي سالم البيض باتجاه وحدة اندماجية دون دراسة.

بعد الوحدة التحمت اليمنيون شمالا وجنوبا وكذلك التحمت السلالة الهاشمية شمالا وجنوبا، وتعادلت الكفة نسبيا.. لتدخل جماعة الإصلاح بثقلها الاجتماعي ورجحت كفة الميزان لصالح اليمنيين.

انهارت الخطة الهاشمية للسيطرة على الحكم أمام القبيلة اليمنية فكان آخر اجتماع هاشمي شمالي جنوبي في دار الحجر برئاسة الشامي والجفري والبيض وطرحوا موضوع الانفصال والعودة للجنوب بنظام ليبرالي.

ومن هناك يكون الانطلاق للشمال وفي حالة عدم تحقق عودتهم للسلطة، فإن إعلان مشروع الانفصال بحد ذاته سيمثل خنجرا في جسد اليمن ومع الوقت سيخلق اضطرابا في شمال اليمن وجنوبه حتى سقوط نظام القبيلة بيد الهاشميين وهذا ما حصل بالفعل.

ما هو مدهش تكتشف أن الجنوبيين زنابيل وأتباع للهاشميين أكثر من زنابيل الشمال؛ فعندما قرر الهاشميون في الجنوب الوحدة. المجتمع الجنوبي صفق بحرارة، وعندما قرروا الانفصال وجدوا من يصفق لهم، بل ويموت في سبيل مشروع الانفصال.

لا وجود لنخبة وقفت أمامهم مطالبة: توقفوا، لسنا قطيعا من الأغنام تسوقوننا على هواكم إلى حيث شئتم تارة إلى وحدة اندماجية وتارة إلى الانفصال.

بل على العكس، فإلى يومنا هذا هنالك من هو متمسك بمشروع الهواشم في الجنوب الذي انتهت صلاحيته قبل عشرين سنة. تخيلوا معي أن الشرق الأوسط يتهيأ لما بعد سايكس بيكو التي كانت دولة الجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية نتاجا لهذه الاتفاقية. والآن الشرق الأوسط يتهيأ لما بعد سايكس بيكو وهنالك من لا يزال مبرمجا على مشروع الانفصال الذي أعلنته السلالة في الجنوب قبل ثلاثين عاما ويطالب العالم باستعادة دولة سايكس بيكو والتي تحللت قبل ثلاثين عامًا عن عمر 22 عامًا.

أليس هذا هو ما أفصح عنه السلالي الهاشمي أحمد الشامي في قصيدته الشهيرة التي وجهها إلى الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، حين قال:

قل لـ(فيصل) والقصور العوالي
إننا نخبة أُباة أشاوسْ
سنعيد (الإمامة) للحكم يوماً
بثياب النبي أو بثوب (ماركسْ)
فإذا ما خابت الحجاز ونجدٌ
فلَنا إخوةٌ كرامٌ بـ (فارسْ)
فمتى نفهم حقيقة هذه السلالة ومشروعها الاستيطاني الخبيث، ومتى نستيقظ؟