آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-01:47م

بين الماضي والحاضر في الأدب العربي ..

الأحد - 11 فبراير 2024 - الساعة 12:34 م

سالمين سعيد بنقح
بقلم: سالمين سعيد بنقح
- ارشيف الكاتب



سالمين سعيد بنقح

يقول البشير الإبراهيمي ت١٩٦٥م :
"شبابنا في حاجة إلى قراءة القديم النافع، والجديد العامر، وفي حاجة إلى الإرشاد الخالص إليهما.. ومن حقهم علينا أن نرشدهم إلى تنظيم القراءة، وأن نبيّن لهم ما يُقرأ وما لا يُقرأ؛ لأن أوقاتهم محدودة، ولأن دراهمهم معدودة"
‏(الآثار)
ومن هذا المنطلق داهمتني فكرة كتابة هذا المقال الذي أرجو أن أُوفق فيه لطرح الفكرة التي أود إيصالها لك عزيزي القارئ.
لقد فضّل الله عز وجل هذه الأمة العربية على سائر الأمم السابقة واللاحقة وجعلنا أمك وسطًا لنكون شهداء على الناس ويكون الرسول صلى الله عليه وسلم شاهدًا علينا.
ثم إنّ هذه الأمة العربية أمة كلامية، أي أنّ الكلام بالنسبة لهم هو الإعجاز، وكلامهم هذا تمثل في النثر والشعر، وعندما بلغوا الغاية القصوى من البلاغة في الكلام، بعث الله فيهم رسوله ﷺ ومعجزته القرآن ليكون هو الدليل القاطع على أنه نبيٌ مُرسلٌ من عند الله ودليله القرآن الذي أعجز قريش خاصة والعرب عامة؛ لأنهم لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، ولأنهم أعلم الناس بالكلام نثرهِ وشعره عرفوا أنّ هذا ليس كلامًا عاديًا وإنما هو كلام الخالق جل في عُلاه.

ووفقًا لهذه المعطيات التي طرحتها في الأعلى لا بد للفرد العربي أن يستشعر قيمة هذه اللغة في نفسه وأن ينذر نفسه لدراسة آدابها وعلومها، كي يحقق الغاية من وجودهِ على هذه الأرض.
ومن العجب أنك ترى أنّ كثيرًا من أبناء هذا الجيل ليس لديهم انتماء للعربية، بل إنك تشعر عندما تتحدث معهم أنك تخاطب أعاجم وليس العرب الدين نزل القرآن بلسانهم الفصيح!.
وهذه لعمري هي قاصمة الظهر وثالثةُ الأثافي.

ولعلك تتساءل الآن يا عزيزي القارئ وتقول: كيف يمكننا أن نجعل هذا الجيل معتزًا بإرثهِ الثقافي والتاريخي؟
والإجابة ببساطة العودة إلى الماضي!
نعم كما قرأت، نحن أمة تستمدُ قوتها من ماضيها وتبني عليه حاضرها ومستقبلها المشرق بإذن الله، وأنا في هذا المقال لن أتطرق إلى الجوانب الأخرى من الماضي وإنما سأتحدث عن موضوعٍ واحد وهو الجانب الأدبي، وهو من وجهة نظري الأساس الذي تنطلق منه بقية الأمور.
أعجبُ من بعض الكُتّاب الذين يكتبون وينشرون كتبهم ورواياتهم وهم لم يقرأوا لأساطين الأدب العربي كالجاحظ والتوحيدي وابن حزم وغيرهم ممن كانت لهم بصمات كبيرة في تاريخ الأدب العربي، وتجدُ هولاء متأثرين بالكُتّاب الغربيين؛ ولذلك نجد أن كتاباتهم تطغى عليها اللمسة الغربية وهذا من أعجب العجب.
فإن لم تستطيعوا أن تقرأوا للأولين فقرأوا للمتأخرين كالبشري، والمنفلوطي، والرافعي، والزيّات، وطه حسين، والعقاد، وغيرهم من أدباء القرن المنصرم الذين كانت لهم بصمات واضحة في الأدب العربي، ورفدوا المكتبة العربية بالكثير من الأعمال العربية الخالدة والتي لا غِنى لطالب العلم عنها.
وخُلاصة القول لن تقوم لهذه الأمة قائمة حتى تعود إلى تاريخها القديم وتتمسك به وتعض عليه بالنواجذ عند ذاك سيكون لها شأن كما كانت في السابق، ولو نظرنا في التاريخ القديم لرأينا العجب العُجاب، فبغداد لم تكن حاضرة العالم الشرقي بسبب أنها عاصمة الخلافة فحسب بل لأنها كانت مدينة العلم والعلماء، وقُرطبة لم تكن حاضرة الدينا بسبب قوتها وسلطتها بل لأنّ أمراء بني أمية أعطوا للعلم منزلة كبيرة؛ لذلك كانت الوفود تأتي من كل حدبٍ وصوب إلى الأندلس لطلب العلم.
فيا أيها الناطق بالعربية عُد إلى تراثك وأعطهِ كل اهتمامك وتمسك بهويتك العربية؛ فإنّ العالم كله يتربص بك وبأمتك من أجل أن يوقع بها ويرمي بها في قاع الجهل:
إن كنتَ ما تدري فتلك مصيبةٌ
أو كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ.