آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-09:27ص

المسؤول وثلاثية الرياء والنفاق والكسل

الأحد - 04 فبراير 2024 - الساعة 05:03 م

محمد عوض حسن
بقلم: محمد عوض حسن
- ارشيف الكاتب


المراءة مفردة تشير الى الرياء، وهي أن تعلن شيئا وتخفي الأصل، نوع من الخداع والتحايل المبطّن، والمنافق مفردة لها معناها القريب من الرياء ايضا، فالأخير يعلن شيئا وفي قلبه شيء آخر، وهو من اصحاب الوجوه المتعددة، بحيث لا يمكن كشفه، من قول او فعل، ولكن غالبا ما تفضحهم وجوهم ومشاعرهم التي تغص بالحقد والضغينة على كل شيء صحيح، فالسليم والمعتدل والمستقيم لا يلتقي مع مآرب المنافق وأهدافه.

أما الكسلان، فهو الانسان الذي يعتاش على جهود غيره، أفكارا أو أعمالا، فهو سارق ولكن بطريقة مبطّنة، وغالبا ما يلقي بواجباته على الآخرين بسبب كسله، واعتماده على جهود الآخرين، حتى يفرط في التواني، وهذا بدوره يقوده الى الضياع، والاخير يقوده الى ارتكاب الآثام والمعاصي بسبب كسله المستدام.

هذه التوصيفان عن (المرائي، والمنافق، والكسلان)، حاولت أن تقدم صورة لجوهر هؤلاء، وفي الغالب نجد هذه العلامات مشتركة في أناس بعينهم، بمعنى المرائي يمكن أن يكون منافقا، ويمكن أن يكون كسلانا في الوقت نفسه، وعندما تجتمع هذه العلامات في شخصية واحدة، عندها نستطيع أن نقدر فداحة الخطر الذي تحمله مثل هذه الشخصيات على الآخرين، فرادى أو مجتمعين.
فما بالك عندما تجتمع هذه العلامات في مسؤول، له سطوة على الناس، ويمتلك جاها وسلطة ونفوذا، ولديه صلاحيات وقرارات تؤثر في حياة الناس!!، فهل هناك مسؤولين حكوميين وموظفين من هذا النوع؟؟، الجواب نعم هناك مسؤولين من هذا النوع، ويمكن اكتشافهم من خلال تقدم الدولة أو تأخرها في الميادين كافة.

فالحاكم او المسؤول الطاغية المتجبر، هو انسان مرائي حتما، كما انه منافق، وهو كسلان عن أداء اي دور يقع ضمن مسؤولياته تجاه الشعب والدولة، لذلك لا يؤتمن جانب الطغاة، فهم رجال كذابون مخادعون، تتقدم مصلحتهم وامتيازاتهم وحماية عروشهم على كل شيء، ولهذا فإنهم يبذلون كل ما بوسعهم لحماية مصالحهم وعروشهم، معتمدين بالدرجة الاولى على الخداع والكذب والرياء والنفاق، وكل القيم المتخلفة التي تقودهم الى تحقيق مآربهم الدنيئة.

لذلك من اخطر الحكومات على الشعوب هي تلك التي تعتمد مسؤولين وحكاماً (مرائين، منافقين، كسلانين)، لأن النتيجة لن تكون في صالح الشعب مطلقا، ولا يمكن بناء دولة مدنية قادرة على حماية حقوق الشعب، من خلال هكذا حكام وحكومات، لذا من أخطر المسؤولين على الدولة والمجتمع، أولئك الذين تنطبق عليهم وصية الرسول الكرم (ص) لأمير المؤمنين، الإمام علي (ع).

فقد جاء في كتاب (تحف العقول) من وصايا الرسول الكريم (ص)، للإمام علي (ع): يا علي للمرائي ثلاث علامات: ينشط اذا كان في الناس. ويكسل اذا كان وحده. ويحب أن يُحمد في جميع الامور. وللمنافق ثلاث علامات: إن حدث كذب. وإن ائتمن خان وإن وعد أخلف. وللكسلان ثلاث علامات: يتوانى حتى يفرط، ويفرط حتى يضيع. ويضيع حتى يأثم.

ولو أننا تطلعنا الى علامات المرائي، وفقا لوصية الرسول (ص) آنفة الذكر، فإننا سنلاحظ أنها تحذر الانسان من أن يُصاب بها، واذا كان الرسول (ص)، يوجهها كوصية الى الامام علي (ع)، وهو المشهود له من أعظم الحكام المسلمين، فما بال حكام العصر الراهن في الدول الاسلامية من الذين أذاقوا شعوبهم شتى انواع الفقر والحرمان والعوز