آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-04:24م

محافظ تعز وجدلية (الإرادة والحلم )

الأحد - 24 سبتمبر 2023 - الساعة 12:00 ص

مصطفى محمود
بقلم: مصطفى محمود
- ارشيف الكاتب


إذا كانت إشكالية "الإرادة" قد غدت إحدى أهم الطروحات النظرية المختلف بشأنها بين الفلسفات المادية والمثالية، الموضوعي منها والذاتي، عبر العصور، فإن المشاريع التنموية والثقافية والفكرية التحويلية الكبرى في التأريخ قادها رجال دولة في مراحل بالغة الصعوبة والتعقيد. قاموا بمسؤولياتهم الوطنية بجداره وحققوا نجاحات اشبه ما تكون معجزه. ولذلك لأنهم انفردوا باعتناق "الإرادة" حد "الحلم": وإذا اخضعنا قيادات السلطات المحلية في اليمن لمعايير هذه الجدلية. (الإرادة..  والحلم) من وجهة نظري سنجد إنها تنطبق على محافظ تعز نبيل شمسان، 

«إرادة» شمسان. تمثلت في تحديه ا للحصار المطبق على تعز وخنقها من كل الاتجاهات من خلال إصراره على خلق البدائل. لكاسرة للحصار فقد قام بشق وسفلتة عدد من الطرق أبرزها طريق تعز التربة طريق الصحي طريق هيجة العبد _ طريق الكدحه المخاء_ الى جانب الكثير من المشاريع الحيوية داخل المدينة. وهنا يبرز امامنا سؤال قوي كيف قام شمسان بإنجاز هذه المشاريع العملاقة في حال ان موارد السلطة المحلية ضعيفة وشحيحة. ودولة مركزية ضعيفة وفقيرة؟ هنا تكمن(الإرادة) التي نتحدث عنها في الجدلية.. إذ ان الرجل لم يقف مكتوف الايدي امام هذا التحدي الكبير فقد استخدم علاقته الشخصية ببعض الأطر العسكرية والدول الشقيقة ووظف كل مهاراته الإقناعية وخبرته الإدارية والسياسة في انتزعه وعود بتمويل هذه المشاريع واستمر في متابعتهم وتوفير كافة متطلباتهم لتنفيذ هذه المشاريع من دراسات وتصاميم وتحليلات وغيرها من امور فنيه وهندسيه واستشارية ولم يترك لهم ثغر إبره يمكنهم من التنصل عن التزاماتهم. 

 «حلم» شمسان يتمثل في إعادة الريادة الثقافية والفكرية والسياسية لتعز.. إذ ان لديه خطة من وجهين الاول: تشجيع الجيل الصاعد من المبدعين في مجالات الشعر والادب والفن والثقافة والفكر وحماية حرياتهم الابتداعية. واستيعابهم في الجهاز الاداري للسلطة المحلية ومنحهم كافة التسهيلات..  الثاني: تلمس احاول المبدعين من الرعيل الاول اللذين كان لهم بالأمس عطاء وطني غزير لكنهم اليوم أصبحوا منسيون..  بلا مس نشرت بعض المواقع الإعلامية استقبال شمسان للهامة الفنية والثقافية اليمنية محمد محسن عطروش واحاطة بالرعاية والاهتمام وقبل ذلك كان له موقف انساني مماثل مع شاعر الحب والوطن الشاعر الكبير احمد الجابري الذي بات قعيد الفراش ويعاني من حالة العوز والفقر بعد ان أصبح منسياَ من قبل النخب الوطنية والثقافية والفكرية والجهات الرسمية. طرح شمسان موضوع الجابري على بعض قيادات الأطر الأمنية بالمحافظة بالقيام بمعالجة الجابري وتوفير له مستلزماته الطبية والعلاجية وصرف مرتب شهري لأسرته وكلف مكتب الثقافة بمتبعة وانجازه وموافاته بما تم تحقيقه. 

لقد ظلّ التلاقح الجدلي بين مفهومي "الإرادة" و"الحلم" هو الموقد السيكولوجي الذي طـُبخت فيه كل العقائد اليسارية والليبرالية الأممية في القرنين التاسع عشر والعشرين، تلك التي ولدت في بطون الكتب، أو وسط جموع الثورات، أو حتى تلك التي تفتحت تدريجياً في ثنايا المشاريع الإصلاحية الهادئة.

واليوم، في عصر انحسار الحلم الوطني، والتسليم القدري للصراع المروج له ببراعة عن سرمدية الفوضى، والتناسي المتعمد والمبرمج لخيار "الإرادة اليمنية " في التغيير ومقاومه الفوضى والاستغلال بأنواعه، والتحفيز المتعمد للنوازع الانهزامية والميتافيزيقية الخرافية لدى اليمنيين في مقابل احباط دوافعهم العقلانية لمكافحة أوبئة الفوضى والحصار والظلم في حياتهم؛ في هذه المرحلة الموسومة بالصراعات والانقسامات والأوهام، 

عندما تعود الريادة الثقافية والفكرية لتعز.. تصبح مشروع ثقافي وطني مصدراً تحريضياً يستلهم منه اليمنيون سبلَ تغيير اليمن نحو الأعقل، وطرائقَ ارتقاء النفس اليمنية المضطهَدة والمستلـَبة إلى أفق المبادرة ونزع الأغلال والايمان بالغد، عندها يحلّ (أي هذا المشروع) في جوهر الحركة المادية لليمن، ويصير عنصراً تلقائياً تأسيسياً في قانون التغير والتطور اليمني! وهذا ما اضطلعت  به إدارة  محافظ تعز شمسان" منذ توليه قياده المحافظة..